تشهد الساحة السورية حالة من التوتر المتصاعد على خلفية الغارات الجوية الإسرائيلية المتكررة، التي تستهدف أهدافًا استراتيجية تتبع للحكومة السورية. وعلى الرغم من الرواية الإسرائيلية التي تقدم نفسها على أنها حامية للدروز في سوريا، فإن الأهداف والدوافع الحقيقية قد تكمن في أبعاد سياسية وأمنية أعمق.
إسرائيل، التي ترصد بقلق النفوذ الإيراني المتزايد في سوريا، تعتبر أن أي تحصين للوجود العسكري الإيراني بالقرب من حدودها يمثل خطرًا استراتيجيًا يتعين التصدي له. ومن هذا المنطلق، تسعى إلى استخدام القوة الجوية لتقويض قدرات الحلفاء الإقليميين لإيران، وبخاصة حزب الله اللبناني والميليشيات المدعومة إيرانيًا التي تتخذ من سوريا مسرحًا لعملياتها.
الرواية الإسرائيلية المتداولة في وسائل الإعلام العبرية حول حماية الدروز تبدو وكأنها محاولة لتلميع صورة العمليات العسكرية وإعطائها غطاءً إنسانيًا. ولكن هذا الادعاء يصطدم بواقع السياسة الإسرائيلية التي تُظهر تحفظًا في التدخل المباشر لحماية أقليات في دول مجاورة، ما يجعل من الصعب تصديق هذه الذريعة دون تحفظ.
ليس هذا فحسب، بل إن الغارات الإسرائيلية تأتي في وقت تعيش فيه سوريا حالة من الهشاشة السياسية والأمنية، حيث يبدو أن إسرائيل تسعى لاستغلال هذا الوضع لتعزيز مصالحها الأمنية دون النظر إلى العواقب المحتملة على الاستقرار الإقليمي.
في ضوء هذه الأحداث، يُطرح السؤال حول مدى قانونية وشرعية الهجمات الإسرائيلية في ظل القانون الدولي، وكذلك تأثيرها على مسار الصراع السوري الذي يبدو أنه بات ساحة لتصفية الحسابات الإقليمية والدولية، مما يُعقد من إمكانيات الحل السياسي ويزيد من معاناة الشعب السوري.