في العقد الأخير، شهدت سوريا تحولات جذرية على مختلف الصعد، منها ما يتعلق بتجريف الهوية الوطنية للسوريين، وهو ما يمكن النظر إليه كجزء من إستراتيجية أوسع تستهدف النسيج الاجتماعي والثقافي للبلاد. لقد أدت الحرب الدائرة في سوريا وما نجم عنها من فوضى وانهيار لمؤسسات الدولة إلى خلق فراغ سمح بتفشي الطائفية وتشويه التاريخ، مما يشكل تهديداً مباشراً لوحدة البلاد.
الطائفية، التي غذتها بعض الأطراف المحلية والخارجية، عملت على تفتيت الهوية الجامعة للسوريين واستبدالها بولاءات فرعية تقوم على الاختلاف في الدين أو المذهب. يتجلى ذلك في الصراعات المسلحة والسياسات التي تعزز الانقسامات الطائفية بوصفها أداة لتحقيق مكاسب سياسية أو عسكرية، بما يخدم أجندات قوى إقليمية ودولية تسعى لتعزيز نفوذها في سوريا.
من جهة أخرى، يأتي تشويه التاريخ كوسيلة فعالة لإعادة كتابة الذاكرة الجماعية وصياغة رواية جديدة قد تبرر الانقسامات الحالية أو تضفي عليها طابعاً تاريخياً. هذه الروايات المشوهة تُضعِف الإحساس بالانتماء الوطني وتعمل على تقويض الرابطة بين السوريين ودولتهم وتاريخهم المشترك.
أما تقويض المؤسسات، فيعد من الأساليب الأكثر خطورة، حيث إن ضعف الدولة يقود إلى غياب القانون ويفتح المجال لقوى غير نظامية لملء الفراغ السياسي والأمني. هذا الواقع يزيد من صعوبة إعادة بناء الدولة ويفتح الباب أمام القوى الخارجية للتدخل وفرض رؤيتها لمستقبل البلاد.
يُعتبر تجريد السوريين من هويتهم الوطنية مؤشراً على مدى الأزمة التي تعيشها البلاد ومحاولة للتأثير على مسارها المستقبلي. إن الحفاظ على وحدة سوريا يتطلب جهوداً جماعية من أجل مواجهة هذه التحديات وإعادة بناء هوية وطنية تتجاوز الانقسامات وتستند إلى أسس العيش المشت