تبرز من جديد خطة “عوديد ينون” التي تعود للسبعينيات كواحدة من أكثر الخطط جدلًا في السياسة الإسرائيلية تجاه الشرق الأوسط، وخصوصًا سوريا. تقوم هذه الخطة على فكرة تقسيم الدول العربية المجاورة إلى وحدات أصغر وأضعف، على أسس طائفية وعرقية، لتعزيز الأمن الإسرائيلي وتوسيع نفوذها في المنطقة. ومع الأزمة السورية التي اندلعت في 2011 والتي شهدت تفككًا للنسيج الاجتماعي والسياسي السوري، يُطرح السؤال: هل تنفذ إسرائيل فعليًا عناصر من رؤية “ينون” في سوريا اليوم؟
لقد اتسمت السياسة الإسرائيلية تجاه النزاع السوري بالحذر، مع التركيز على الدفاع عن حدودها ومنع تمدد النفوذ الإيراني وحزب الله. ولكن، يُلاحظ أن إسرائيل استغلت الفراغ السياسي والعسكري في بعض المناطق السورية لتعزيز علاقاتها مع فصائل معارضة وشخصيات محلية، مما يُعد تأثيرًا غير مباشر يتوافق مع خطة “ينون”.
إن مبدأ تفتيت الدول إلى كيانات أصغر يُعزز من موقف إسرائيل كقوة إقليمية مهيمنة. ورغم أنه ليس هناك دليل قاطع يؤكد تنفيذ إسرائيل لهذه الخطة بشكل ممنهج، إلا أن الوضع الراهن في سوريا يُظهر أوجه تشابه مع التصورات التي طرحها “ينون”. فالتقسيم الفعلي لسوريا بين النظام والمعارضة والقوى الكردية والتدخلات الأجنبية، يُعيد إلى الأذهان التحليلات التي تشير إلى أن إسرائيل قد تكون تستفيد من هذا التقسيم العملي لتحقيق أهدافها الاستراتيجية.
أخيرًا، يجب التأكيد على أن التحليلات السياسية يجب أن تأخذ في الاعتبار التعقيدات الجيوسياسية والتحولات المتسارعة في المنطقة. ومع ذلك، فإن الظروف السورية الراهنة تقدم فرصة للمحللين لإعادة النظر في خطة “ينون” وتأثيرها المحتمل على السياسات الإسرائيلية والإقليمية.