لطالما كانت الأقليات في التاريخ الإنساني موضع تساؤل حول مسألة البقاء والهيمنة، ومن هذا المنطلق، استطاع نظام الأسد في سوريا أن يجسد مثالاً صارخًا لتوحش الأقليات، وذلك عبر فترة حكم استمرت لعقود، بدءًا من حافظ الأسد وانتقالاً إلى بشار الأسد. وعلى الرغم من أن التاريخ الإسلامي لم يشهد توحشًا مماثلًا للأكثرية، فإن السياق السوري يطرح عدة تساؤلات حول الديناميكيات السياسية والاجتماعية التي تسمح للأقليات بممارسة نوع من الهيمنة.
يُعزى نجاح الأقليات في الحفاظ على السلطة في سوريا إلى عدة عوامل، أبرزها الاستراتيجيات السياسية والأمنية المحكمة التي تبعها النظام. فقد تمكن الأسد من خلق شبكة معقدة من الولاءات داخل الجيش والأجهزة الأمنية، معتمدًا على التحالفات الطائفية والعائلية التي تكفل له قاعدة صلبة من الدعم. وقد أدى ذلك إلى تعزيز الانقسامات الاجتماعية وإثارة التوترات الطائفية، وهو ما شكل عاملاً مهمًا في استدامة النظام.
علاوة على ذلك، استثمر النظام في نشر رواية تحذيرية من الفوضى والتفكك في حال غيابه، مما أثار الخوف والقلق في نفوس الأقليات الأخرى وحتى بعض فئات الأكثرية. وقد كان لهذا الخطاب السياسي أثر بالغ في تكريس مفهوم “الأمان” كمبرر لاستمرار الحكم الاستبدادي وتقبل الحالة الأمنية المشددة.
من ناحية أخرى، يمكن القول إن التاريخ الإسلامي، برغم ما شهده من صراعات، لم يعرف توحشًا للأكثرية يمكن مقارنته بنظام الأسد، وذلك ربما يرجع إلى طبيعة الحكم والسياقات الاجتماعية والثقافية المختلفة. ومع ذلك، فإن التجاوزات التي شابت بعض الفترات والحكومات في التاريخ الإسلامي تحتاج إلى تحليل معمق يأخذ في الاعتبار التعقيدات السياسية والدينية لتلك العصور.
إن تفحص تجربة الأقليات في الحكم، كما هو الحال في سوريا، يقودنا إلى استن