تشهد الساحة السورية تحولات متسارعة تسترعي الانتباه، وتحمل في طياتها تداعيات معقدة، لا سيما في الجنوب السوري، حيث تتداخل الأبعاد الإنسانية مع الجيوسياسية في ظل استمرار الصراع المسلح. في الأيام الأخيرة، تزايدت حدة الاشتباكات والقصف، ما أدى إلى تفاقم معاناة السكان المحليين وزيادة أعداد النازحين، وهو ما يفرض على المجتمع الدولي والمنظمات الإنسانية تكثيف جهودها للتخفيف من وطأة الأزمة.
من الجدير بالذكر أن الجنوب السوري، وخاصة محافظة درعا، يشكل نقطة تقاطع لمصالح إقليمية ودولية متعددة. فمن جهة، يحاول النظام السوري إعادة فرض سيطرته على المنطقة، مستعينًا بالدعم الروسي والإيراني. ومن جهة أخرى، تبرز إسرائيل كلاعب رئيسي يتابع التطورات عن كثب، معبرة عن قلقها من تعزيز حزب الله وإيران لوجودهما العسكري قرب الحدود. في حين تلعب الولايات المتحدة وحلفاؤها دورًا في دعم فصائل المعارضة وتأمين مناطق نفوذ تخدم استراتيجياتهم في المنطقة.
الوضع الإنساني المتردي يُعد من النتائج الأكثر إلحاحًا للصراع. فقد أدت العمليات العسكرية إلى نزوح الآلاف، وتدهور الأوضاع الصحية والمعيشية، وانقطاع الخدمات الأساسية. كما أن استهداف البنى التحتية والمرافق العامة قد زاد من صعوبة إيصال المساعدات الإنسانية، مما يفاقم من الأزمة الإنسانية.
إن الحل السياسي يظل السبيل الأمثل لإنهاء هذه الأزمة، لكنه يبقى بعيد المنال في ظل تشابك المصالح والأجندات الإقليمية والدولية. وإن كان لا بد من تحرك، فعلى المجتمع الدولي تعزيز جهوده للوصول إلى تسوية سياسية شاملة تحترم السيادة السورية وتضمن حقوق جميع مكونات الشعب السوري، وفي الوقت نفسه، يجب تكثيف الإغاثة الإنسانية ودعم البنية التحتية للمناطق المتضررة، وضمان حماية المدنيين في هذه الأوقات العصي