تشهد سوريا منذ سنوات محاولات ممنهجة للنيل من الهوية الوطنية للسوريين، وذلك من خلال سلسلة من الأساليب التي تستهدف النسيج الاجتماعي للبلاد. أحد أبرز هذه الأساليب هو بث الطائفية، الذي يتم عبر تأجيج النعرات القومية والدينية واستغلال الخلافات لتحويل الصراع إلى حروب بين مكونات الشعب الواحد. هذا التوجه يضعف من تماسك المجتمع ويجعله عرضة للتفكك والانقسام.
إضافة إلى ذلك، تأتي محاولات تشويه التاريخ كأداة أخرى لهذا التجريد، حيث يتم التلاعب بالحقائق وتزوير الأحداث الهامة بما يخدم أجندات معينة. هذا التشويه لا يقتصر على الماضي فحسب، بل يمتد ليشمل التراث الثقافي والحضاري الذي يمثل الذاكرة الجماعية للشعب السوري، وعندما تفقد الأمة ذاكرتها، تصبح أكثر عرضة للتلاعب وفقدان الهوية.
أما عن تقويض المؤسسات، فهو يتمثل في استهداف الأنظمة التعليمية والقضائية والأمنية والبنى التحتية، مما يؤدي إلى زعزعة استقرار الدولة وإضعاف سيطرتها على الأراضي. هذا الاستهداف يفسح المجال أمام مختلف الجماعات والأطراف الساعية لملء الفراغ السياسي والأمني، وفرض واقع جديد يتماشى مع أهدافها.
لعل ما يزيد الوضع تعقيدًا هو تدخلات القوى الإقليمية والدولية التي تستغل الأزمة السورية لتنفيذ مخططاتها الخاصة، مما يسهم في تعميق الشروخ الداخلية ويزيد من صعوبة إيجاد حل سياسي شامل يحافظ على وحدة الأراضي السورية ويصون هوية شعبها.
في ظل هذه التحديات، يصبح الحفاظ على الهوية الوطنية السورية وإعادة توحيد البلاد قضية ملحة تتطلب جهودًا مضنية من جميع الأطراف السورية الحريصة على مستقبل البلاد، بالإضافة إلى دعم دولي فاعل يكفل الخروج بحل يحترم سيادة سوريا وتماسك مجتمعها.