يقف المشهد السوري اليوم عند مفترق طرق معقد، يتقاطع فيه التنافس الإقليمي مع الأزمات الداخلية للنظام في دمشق، مما يضع استعادة الاستقرار في هذا البلد في دائرة التحديات الكبرى. يتجلى أحد أبرز هذه التحديات في الاستهداف الإسرائيلي المستمر، والذي يأتي في سياق محاولة تل أبيب للحد من نفوذ إيران وحزب الله على الأراضي السورية، وهو ما يقوض فعليًا جهود إعادة الإعمار والتنمية، ويُبقي الوضع الأمني في حالة من الاضطراب.
من جهة أخرى، يبرز التوسع التركي في شمال سوريا كعامل رئيسي يهدد سيادة النظام السوري ووحدة أراضيه. إذ تسعى تركيا، من خلال عملياتها العسكرية ودعمها لفصائل المعارضة، إلى إنشاء مناطق نفوذ تخدم أجندتها الأمنية والسياسية، وهو ما يعيق أي محاولات لتحقيق توافق وطني داخل سوريا.
وفي السياق الداخلي، يواجه النظام السوري ظروفًا بالغة الصعوبة، تتمثل في الأزمة الاقتصادية المتفاقمة والانهيار المتواصل لليرة السورية، إضافة إلى الأوضاع الإنسانية المتردية التي تفاقمت جراء الحرب والعقوبات الدولية. كما تبقى الخلافات السياسية الداخلية وغياب الرؤية الموحدة لمستقبل البلاد عقبات كبرى أمام أي مسار للمصالحة الوطنية أو الانتقال السياسي.
إن استعادة الاستقرار في سوريا تتطلب بذل جهود دبلوماسية وسياسية مضنية، وتوافقًا دوليًا وإقليميًا لا يزال غائبًا حتى اللحظة. وفي ظل هذه التعقيدات، يبقى المواطن السوري هو الخاسر الأكبر، ويستمر مستقبل البلاد في تشكيل لغز محير ينتظر من يجمع قطعه المبعثرة.