في ظل التحولات الجيوسياسية المتسارعة في الشرق الأوسط، يبدو أن الرؤى الاستراتيجية القديمة لا تزال تحتل مكانًا في خطط الدول الإقليمية، ومن بينها إسرائيل التي يعود خطابها السياسي والعسكري ليُثير ملامح استراتيجية “خطة عوديد ينون” القديمة. هذه الخطة التي أُعدت في السبعينيات، وتُظهر توجهات تل أبيب نحو تفتيت الدول المجاورة وتقسيمها إلى كيانات صغيرة متناحرة لضمان الهيمنة الإسرائيلية وأمنها القومي.
التوجهات الإسرائيلية الحالية تجاه سوريا تعكس بشكل ملحوظ بعض معالم خطة ينون، حيث تمارس إسرائيل تأثيرًا متزايدًا في منطقة الجولان المحتلة، وتدعم بشكل غير مباشر قوى محلية سورية كالأكراد وفصائل معارضة مسلحة، سعيًا لتعزيز النفوذ الإسرائيلي وإضعاف الحكومة المركزية في دمشق.
من الناحية الإستراتيجية، يُقدِّر المحللون أن تفكيك الدولة السورية إلى مناطق نفوذ ذات أغلبيات عرقية وطائفية، قد يُسهل على إسرائيل تبرير احتلالها للجولان وتوسيع نطاق تعاونها الأمني والاقتصادي مع الفصائل المحلية المتحالفة معها.
من جانب آخر، تواجه إسرائيل تحديات معقدة تتمثل في النفوذ الإيراني المتزايد في سوريا، والحضور الروسي المؤثر، مما يضع الخطط الإسرائيلية في مواجهة رهانات إقليمية ودولية غير مضمونة العواقب. وفي هذا السياق، يُعتبر التدخل الإسرائيلي في سوريا، سواء من خلال الضربات الجوية ضد أهداف إيرانية أو دعم فصائل معينة، بمثابة تحركات تكتيكية تهدف إلى تعزيز مواقفها الإستراتيجية على المدى الطويل.
بيد أن السياسة الإسرائيلية تجاه سوريا تظل محفوفة بالمخاطر، إذ تتطلب موازنة دقيقة بين محاولة إضعاف خصومها وبين تجنب إشعال فتيل صراع أوسع يمكن أن يعكس الأوضاع ضدها. وعلى الرغم من أن خطة عوديد ينون