يُعد مفهوم “توحش الأقليات” بمثابة قراءة تحليلية لسياسات القمع والسيطرة التي مارستها الأقليات الحاكمة في بعض البلدان، ومن بينها سوريا تحت حكم نظام الأسد، الأب والابن. هذا المصطلح يعبر عن سياسة الحكم التي تعتمد على استخدام القوة والعنف وإشاعة الخوف للحفاظ على السلطة وإحكام السيطرة على غالبية الشعب، وفي الغالب ما يتم تبرير هذه السياسات بالحاجة إلى الحفاظ على الاستقرار والأمن.
لقد تبنّى نظام الأسد منذ توليه السلطة نهجاً يعتمد على التمايز الطائفي والعرقي، مانحاً الأفضلية لأقلية على حساب الأكثرية، وهو ما أدى إلى إيجاد حالة من الاحتقان الاجتماعي والسياسي. لم يكن النظام السوري الأول أو الوحيد الذي يعتمد هذا النهج، لكنه يُعد نموذجاً بارزاً يمكن دراسته وتحليله.
في مقابل ذلك، يشير التاريخ الإسلامي إلى نماذج مختلفة حيث كانت الأكثرية السكانية تتمتع بالسلطة. في هذه الحالات، كان هناك نوع من الاستقرار الذي يستند إلى الشرعية والتوافق الاجتماعي، الأمر الذي يقلل من الحاجة إلى استخدام تكتيكات القمع والعنف. ولكن، لا ينبغي أن يُنظر إلى هذا الوضع على أنه مثالي؛ فقد شهدت بعض الفترات التاريخية توترات وصراعات بين الفئات السكانية المختلفة، لكنها غالباً ما كانت تُحل ضمن إطار النظام العام وليس عبر الاستبداد الفردي أو الطائفي.
إن دراسة العلاقة بين الأقليات الحاكمة والأكثريات المحكومة تكشف عن ديناميكيات معقدة تتشكل وفق ظروف تاريخية واجتماعية وسياسية خاصة. وتبقى الحقيقة أن الاستقرار السياسي والاجتماعي يُبنى على أسس العدالة والمساواة واحترام حقوق الإنسان، بغض النظر عن الطائفة أو العرق.
عليه، فإن النهج الذي يعتمد على القوة والقمع ليس حكراً على الأقليات ولا يمكن تبريره بالخوف من الأكثرية؛ إن