في خطوة غير مسبوقة، أقدمت السلطات السورية على اعتقال الأمين العام للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين – القيادة العامة، طلال ناجي، في دمشق. يأتي هذا الإجراء الأمني الحاسم في أعقاب حملة اعتقالات طالت اثنين من قادة سرايا القدس في الشهر الذي سبق. تلك الأحداث تشير إلى تحول ملحوظ في الموقف السوري تجاه بعض الفصائل الفلسطينية، وهو ما يستدعي التدقيق والتحليل.
بداية، يجدر الإشارة إلى أن العلاقة بين النظام السوري والفصائل الفلسطينية كانت تاريخياً متقلبة، تتأرجح بين الدعم والتحالف وصولاً إلى الصدام في بعض الأحيان. اعتقال ناجي، والذي يأتي في سياق مشابه لاعتقال قادة سرايا القدس، يطرح تساؤلات بشأن إعادة تموضع سوريا في الساحة الإقليمية، خاصة فيما يتعلق بالملف الفلسطيني.
يمكن أن يُفسر هذا التحرك السوري كجزء من محاولة النظام لإعادة ترتيب أوراقه الإقليمية، وربما يكون استجابة لضغوطات إقليمية أو دولية، أو حتى جزءاً من مساعي دمشق للاندماج مجدداً في النظام العربي. إذ قد تكون هذه الخطوات بمثابة رسائل موجهة لإثبات استعداد النظام للتخلي عن بعض حلفائه التقليديين، لاسيما إذا كان ذلك يعني تحسين علاقاته مع دول الخليج أو مصر.
من الزاوية الفلسطينية، يمثل اعتقال ناجي وقادة سرايا القدس ضربة للفصائل التي تعتبر دمشق ملاذاً ومنصة دعم. قد يؤدي ذلك إلى إجبار هذه الفصائل على إعادة النظر في استراتيجياتها وعلاقاتها الإقليمية، والبحث عن حلفاء جدد أو تعزيز العلاقات مع الحلفاء الحاليين.
في النهاية، يبقى السؤال المحوري: هل تعكس هذه الاعتقالات تغيراً جذرياً في السياسة السورية أم هي مجرد تكتيكات مؤقتة في لعبة السياسة الإقليمية المعقدة؟ لا شك أن الإجابة على هذا التساؤل تتطلب متابعة