عنوان: التقارب بين سوريا ودول الخليج: انتعاش مؤقت أم تحوّل محسوب؟
مقدمة:
يعكس التاريخ الطويل للعلاقات العربية أن السياسات الإقليمية لا تخلو من التقلبات والمنعطفات، وهو ما يجسده التحول الأخير في العلاقات بين سوريا ودول الخليج. منذ تولي أحمد الشرع مقاليد السلطة في سوريا لمرحلة انتقالية، تحولت الأنظار مجددًا إلى دمشق، مع تزايد الإشارات إلى إمكانية عودة سوريا إلى الحضن العربي. هذه العودة تثير تساؤلات حول طبيعتها ومدى استمراريتها: هل هي مجرد انتعاش مؤقت يرتبط بالظروف الراهنة، أم أننا بصدد شهود تحول محسوب يعيد تموضع سوريا عربيًا بشكل استراتيجي؟
محتوى التحليل:
لفهم هذا التقارب، ينبغي أولاً النظر إلى السياق التاريخي والجيوسياسي للعلاقات بين سوريا ودول الخليج. لطالما كانت سوريا مركزًا لتوازنات القوى في الشرق الأوسط، ولعبت دورًا محوريًا في الصراعات والتحالفات الإقليمية. إلا أن الأزمة السورية منذ العام 2011 أثرت بشكل كبير على موقع سوريا في المنظومة العربية، حيث انحازت معظم دول الخليج إلى جانب المعارضة السورية.
التقارب الحالي قد يُفسر على أنه محاولة من دول الخليج لإعادة النظر في سياساتها تجاه سوريا، بالتزامن مع التغيرات السياسية داخل البلاد وعلى المستوى الإقليمي. يُمكن النظر إلى هذا التقارب من خلال عدة عدسات:
1. الواقعية السياسية: تدرك دول الخليج أن سوريا، بموقعها الجيوسياسي، لا يمكن تجاهلها في أي ترتيبات إقليمية مستقبلية. إعادة العلاقات قد تكون بمثابة استثمار في مستقبل سوريا السياسي.
2. مكافحة النفوذ الإيراني: قد يكون التقارب محاولة لإضعاف النفوذ الإيراني في سوريا، والذي تعتبره دول الخليج تهديدًا لأمنها القومي.
3. إعادة الإعمار: تمثل سوريا فرصة للاستثمار وإعادة الإعمار، وقد تسعى دول الخليج للحصول على دور في هذا المجال، مما يعود بالنفع الاقتصادي عليها.
4. التأثير الدولي: مع تغير المواقف الدولية تجاه الأزمة السورية، قد تسعى دول الخليج لمواكبة هذه التغيرات وتأمين مصالحها في سياق جديد.