في خضم التحولات الجيوسياسية المتسارعة في الشرق الأوسط، أقدمت السلطات السورية على خطوة لافتة بتوقيفها لطلال ناجي، الأمين العام للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين – القيادة العامة، وذلك في أعقاب اعتقال قياديين من سرايا القدس. يُسلط هذا الإجراء الضوء على مسار جديد قد تكون الدولة السورية بصدد اتخاذه تجاه الفصائل الفلسطينية المتمركزة على أراضيها، وقد يكون له انعكاسات بعيدة المدى على موازين القوى داخل الأراضي الفلسطينية وعلى مستقبل التحالفات الإقليمية.
التداعيات المحتملة لهذا الاعتقال يمكن تحليلها من عدة زوايا. أولاً، يشير هذا الإجراء إلى رغبة النظام السوري في إعادة تنظيم الوجود الفلسطيني على أراضيه، والذي لطالما كان عنصراً مؤثراً في السياسة السورية، على نحو يعزز السيطرة السورية ويحد من أي نفوذ خارجي قد يتجاوز الخطوط الحمراء التي ترسمها دمشق. ثانياً، تأتي هذه الخطوة في سياق تحولات إقليمية قد تشهد إعادة تشكيل للتحالفات وتقارباً محتملاً بين سوريا وبعض الدول العربية، وهو ما قد يتطلب من الحكومة السورية تقديم تنازلات معينة أو إظهار مرونة تجاه ملفات مثيرة للجدل مثل دعم الفصائل الفلسطينية.
لا يمكن تجاهل البعد الداخلي الفلسطيني لهذه الاعتقالات، إذ قد تشير إلى رسالة ضمنية من دمشق باحتمال تغيير مواقفها من الفصائل المختلفة وتأثير ذلك على التوازنات الداخلية الفلسطينية. كما أن الأمر قد ينطوي على تحذير للفصائل من مغبة تجاوز الخطوط الحمراء المتعلقة بالأمن القومي السوري، خصوصاً في ظل الحساسية الشديدة للأوضاع في المنطقة.
من الضروري النظر إلى هذه التطورات في سياق أوسع يشمل العلاقات الإيرانية-السورية وتأثيرها على موقف دمشق من الفصائل الفلسطينية، خاصة أن إيران تعد داعماً رئي